في طفولتي كان والدي يعمل مديراً لأحد مكاتب البريد في القاهرة..وكانت متعة كبرى لي لما اروح معاه المكتب بيبقى يوم استثنائي ….وفي شهر عمنا إبراهيم أصلان وعلى هامش نصة البديع وردية ليل أهدية هذه المقطوعة ….( ذكريات على دفتر الطفولة ) … :
تغيرت الصورة على الجدران خلف والدي …ولم اهتم …تأملتها كالعادة مستحضراً الشكل الذي اراه في “التلفزيون” دائما …أجل هو … رئيس الجمهورية …هذا الذي يتكلمون عنه في كل البرامج والنشرات …نعم هذا هو …الأهم …الأقوي …الكبير…المهاب …الخ الخ …انقل النظر بين الصورة …وابي الجالس تحتها لحظات ….وأبتسم متابعاً لعبتي الأثيرة بعد ” معاكسات التليفون “ ممسكا الختم الأسود والأحمر لشعار الجمهورية …واكمل الختم بهما على دفتر الأذونات الفارغ لاهياً بقضم قطعة ” شيكولاتة ” قدمها لي عمو ” فايز ” …و يقاطع نظراتي المختلسة لتلك الموظفة ذات الملامح الملائكية صوت عمو ” فريد ” ياريس اليومية جاهزة خلاص تؤمر بحاجة . …لا اسمع رد والدي …فقط ..تعاودني الإبتسامة وانقل عيني للصورة المعلقة على الحائط ووالدي الجالس منهمكا في مطالعة ما امامة من اوراق متفحصاً الكلمة في راسي الصغير ” ياريس ” …. اعود الى الأختام وقبل ان اطبع الخاتم الاحمر بقوة هذه المرة لا اعرف مصدرها ..انادي ابي ويدي في الهواء …بابا….فيرد نعم دون ان يرفع عينه عن الاوراق امامه ….اسكت ولا اكمل فلم يكن لدي ما اقول …فقط ربما اردت ان اتأكد من انى …ابن ” الريس ” …يهوي الختم الاسود على اخر بقعة لم يلونها الحبر في الصفحة …فانتبه الى ان راحة يدي ملئها الحبر ولابد من غسلها في الحمام الذي به ذاك القدر المغلي دائما من القار لزوم تشميع الخزانات الضخمة في نهاية اليوم …ولاول مرة لا اخاف الأتساخ …او التأنيب …فأنا في حضرة الرئيس …الرئيس الذي أحب ….. أبي
-2-
داود عبد السيد فيلسوف بدرجة مخرج … عشان كده لغته السينمائية خاصة جدا قد ماهي سهلة قد ماهي معقدة وفلسفية لدرجة مدهشة عشان كده مش غريب انه بيكتب او بيشارك في كتابة سيناريوهات اغلب افلامه ومن المرات القليلة الي داود يقرر يعمل عمل ادبي فيلم سينما وده يمكن لان العظيمين ابراهيم اصلان وداود عبد السيد كلاهما في مشترك بينهم مهم …فعمنا ابراهيم اصلان الناس العادية هم من يعنوه تماما كعمنا داود كلاهما معنى بالغوص في اعماق الانسان المصري واستخراج مابه من درر ربما تجرح وربما تلهم لكن كلى المبدعان رغم اختلاف المجال هذا في الادب وهذا في السينما يراهنون على البسطاء لا يطنطون ادبيا او سينمائيا بشعارات براقه ولا تشغلهم معارك نقدية او حسابات تجارية كل منهما يكتب بدمه لا بقلمه او كاميرته …وفي تحفة الكت كات اضاف داود للنص من ابداعه ليس تكلفا او عنوة لكن لان مالك الحزين الذي سرد عنه وعنا ابراهيم اصلان تربه خصبه رحبه تحتمل المزيد والمزيد من الرؤى والابداع المضاف …قطعا لن اطيل الحديث عن جماليات فيلم الكيت كات ولن انزلق لمناقشة موقف داود الاخير باعلانه اعتزال الاخراج احتراما لابداع ابراهيم اصلان الذي يحتاج ادبه للكتابة عنه بشكل اكثر تفصيلا واهتمام …لكن قولت اهو نسخن مع ابو كريم في شهر ابراهيم اصلان … ويا مسهل.
احدث التعليقات