حواري مع البولاقي حول مفهوم السنة

29 12 2016

حواري مع البولاقي حول مفهوم السنة

الخميس ٢٩ ديسمبر ٢٠١٦م

مفهوم السنة:

حين أرسل النبي عامله على اليمن، تروي المرويات أنه سأله عن بماذا يحكم؟ فجاءت الإجابة بالقرآن ثم بالسنة.

فماذا تعني كلمة السنة هنا؟

فقد كانت ما تسمى الأحاديث لم تُكُتبت ، بل روي أن النبي ذاته نهى عن كتابة شيء غير القرآن

فهل السنة هنا هي عادات النبي التي تعتمد على التقاليد المجتمعية؟

وفي واقعة التفاوض بين أبي بكر وعمر من جانب والأنصار من جانب آخر لم يتم الاحتجاج حسب المرويات بنصوص ولا بمرويات حديثية بل بعادات العرب ولأي القبائل يخضعون!

ورويت مرويات عن عقاب عمر لمن كانوا يروون عن النبي في المسجد.

بل روي أن علي بن أبي طالب حين كان يوصي مفاوضه الذي سيفاوض الجانب الأموي

أن يُحاججهم بالسنة

فماذا تعني كلمة السنة هنا في كلام علي بن ابي طالب؟

هل هي التقاليد العربية؟

وطوال قرن كان الإعراض عن الاحتجاج بمرويات وكان الاعتماد على القرآن . لكن القرآن متعدد المعاني، والسلطة تحتاج إلى جمع الناس على شيء لتخضعهم لسلطتها. فكانت الحاجة إلى مصدر آخر لهذه السلطة و ذلك الحكم. فكانت المرويات وجمعها وما تحمله من طبيعة الحياة القبلية البدوية وأعرافها هي الوسيلة بداية من دعوة عمر بن عبد العزيز لكتابة المرويات ثم بعدها قرن ونصف تم كتابة وتصنيف كتب المرويات، بعد ما تشكلت مدارس فقهية كاملة قبل كتابة البخاري أو مسلم أو الترمزي أو النسائي أو ابن ماجة أو ابن ابي داود كتبهم.

لينفجر استخدام المرويات مع أحمد ابن حنبل ومع تأسيس الشافعي لمفهوم السنة التي ضم إليها كل الأفعال والتقريرات والنواهي المأثورة عن النبي وأصّل للمرويات التي سميت أحاديث، وجعل حديث الآحاد حجة و دليل بل وشرع. وجعل المرويات هي السنة وجعل السنة مصدرها الوحي أيضا كما القرآن. حتى وصلنا إلى أن المرويات ذاتها (تنسخ )آيات القرآن. حتى أصبحت أكثر من مئتي آية من القرآن منسوخة بمرويات كُتبت بعد النبي بقرنين .

مما يطرح سؤال

ما السنة؟

سؤال أتصوره مهم و ضروري.

والله أعلم

أشرف البولاقي

السُّنّة هي الطريقة أو الشريعة التي كان يتّبعها النبي في محاولاته الجادة والمخلصة في التعامل مع القرآن باجتهاده هو الشخصي

وعندما قال له عامله على اليمن ” بسُنّتك ” كان يقصد بطريقتك

والإيمان أن السّنَة هي اجتهاد النبي في محاولته فهم القرآن هي السنة الحقيقية التي يجب أن يتبعها المسلمون مِن بعده، وليس معناها عينَ ما كان يفعله هو … يقاس ذلك على طريقته في فهمه للقرآن وتطبيق بعض آياته – وليس كلها – كما يقاس على سنته – طريقته – في غير القرآن، فهو كان يستاك بالسواك فالسنّة هنا ليست السواك، لكنها نظافة الأسنان .. وكان يرتدي جلبابا لأن قومه كانوا يرتدون الجلالبيب فالسنة هنا ارتداؤنا ما يرتديه قومنا … وقِس على ذلك

هذا فهمي أنا للسنّة … أمّا أن يأتي الفقهاء والمفسرون فيختزلون السنة في قولهم ” كل قول أو فعل أو إقرار .. إلخ ” فلا أظنه صحيحا

Gamal Omar

ومن أين يأتي هذا الصحابي بسنة النبي؟ أو بطريقة النبي. إذا كان القرآن ذاته لم يُجمع في مكان واحد وقت النبي فما بالك بطريقة النبي. في فهمه. النقطة الثانية أن الصحابي قال القرآن بمعنى أنه هيفهم مباشرة من القرآن بحثا عن الحكم من كتاب الله. فاذا كان هيتبع فهم النبي للقرآن. كان من باب أولى يقول ان مصدره هيكون سنة النبي في فهم القرآن كما ذكرت.. وكيف تفرق في أفعال النبي بين ما هو إخبار عن أمر ديني وما هو بشري إجتماعي ثقافي إبن لبيئته. وهل السنة أي الطريقة هنا تدخل في التقاليد العربية في الحجاز؟

أشرف البولاقي

الصحابي فهمَ السنّة بثقافته هو، ومن ثم تصرف بناءً على فهمه ووعيه

والسنّة عندنا بفهمنا نحن لها، ومن ثم نتصرف على ضوء فهمنا نحن لها لا على ضوء فهم الصحابي

أمّا الأجيال التي تلت الصحابة فسمعوا عن السنة شفاهة ورواية، ثم تدوينا بعد ذلك .. وإنْ كان يلزمهم هُم ذلك فليس يلزمنا نحن

فهم النبي للقرآن اجتهاد وليس وحيًا … هذا عندنا نحن

أمّا سؤال كيف أفرق في أفعال النبي بين ما هو إخبار عن أمر ديني وآخر بشري فهذا هو المعضِل والمجهِد، لكنه ليس مستحيلا بقراءة الإشكالية وظروف عصرها وردود الأفعال … وستظل محاولاتنا اجتهادا

وأخيرا نعم، يدخل في السنة بعض العادات والتقاليد الخاصة بالبيئة

Like · Reply · 1 hr

Gamal Omar

لكن السؤال الأساسي هو من أين يأتي الصحابي بالسنة؟

أشرف البولاقي

أنا أحاول أن أفكر معك، لا أملك إجابة قاطعة:

أتى بها بعضهم من معايشتهم للنبي وجلوسهم معه وحديثه إليهم، فكان طبيعيا أن يتصوروا أن ما ينطق به أو يقِره أو يختاره هو وحي … لكن قليلين استطاعوا التفرقة كمثال الموقع الذي اختاره النبي في غزوة بدر .. عندما جرؤَ أحدهم وسأله: أمنزل أنزلكه الله؟ أم الرأي والمشورة؟ فلما قال النبي ليس وحيا، أشار الصحابي بموقع آخر

أتى بها مما شاهد أو سمع من غيره

Gamal Omar

نحن نفكر معا.

إذا كان المصدر هو خبرة كل فرد بما فهم وشاهد من فعل النبي، فهذه خبرة وقائع أجزاء فتافيت. بمعنى لو حكمت على طريقة أشرف البولاقي من بيت شعر غير من ديوان شعر غير من دواوين أشرف للشعر. فمعرفة الصحابة جزئية، شخصية، مباشرة تهتم بالوقائع الجزئية وليست بها الرؤية العامة. حيوية نعم مباشرة نعم. لكن هل الواقع هو ما نراه مباشرة يعني الواقع هو ما نراه فتافيت في الصحف أم جمع الفتافيت والخروج منها بما تحتها. فهل السنة هي الوقائع الجزئية أم ما يربط الوقائع تحت السطح؟

أشرف البولاقي

بالتأكيد ليست هي الوقائع الجزئية، لكنها بما يربطها بما فوقها وما تحتها وما حولها مِن سياقات وظروف … لكن هل كان مطلوبًا من الصحابي أن يعي هذا ويستوعبه؟ بالتأكيد لا … فيكون سؤالك هنا موجهًا لنا …. وأنا معك في هذه تمامًا.

Gamal Omar

هنا يصبح الأمر. حتى لو سلمنا جدلا أن كل ما كتب من كتب الأحاديث الستة المشهورة للبخاري ومسلم وابن ماجة والنسائي …الخ وحتى البيهقي والدراقطني  وحتى مسند الإمام أحمد . لو فرضنا جدلا أنها منسوبة صحيحا للنبي. ففهمها كفتافيت وكأجزاء و كوقائع جزئية لا يصل بنا إلى ما تعنيه. وسيحتاج الأمر إلى البحث عما وراء الوقائع وما يربطها ببعضها . وللأسف هذا المنهج التفتيتي هو ما اتبعته الثقافة التراثية عند المسلمين في تعاملها مع القرآن. كآيات (فتافيت) المرويات (فتافيت) سيرة النبي روايات (فتافيت) وقائع التاريخ روايات متجاورة بجوار بعضها (فتافيت) حتى في شواهد اللغة و شواهد الشعر في الدرس البلاغي وقف التفكير في تراثنا عند البلاغة على مستوى الجملة. وحتى المعتزلة في فهمهم للمجاز في اللغة وقف عند المجاز على مستوى الجملة أو الآية القرآنية. والسؤال الآن هل يمكن أن ننتقل من درسنا للوقائع منفصلة مُقتتة إي درسها للوصول إلى النسق خلف الآيات وخلف المرويات. وخلف الوقائع التاريخية وخلف أبيات القصيدة للوصول الى وحدة القصيدة بل والى وحدة النسق الشعري لكل نتاج شاعر . بعبارة موجزة أن ننتقل من الأجزاء منفصلة إلى دراسة رؤية العالم خلف الفتافيت. والله أعلم.

أشرف البولاقي

لا أعرف كيف سيبدو لك تحفظي على فكرة كهذه

نحن لو فعلنا ذلك سنترك النص الرئيس المتن (القرآن)، ونكرّس للنص الثانوي الهامش …. التعامل مع القرآن باعتباره نصا حقيقيا منسوبا إلى الله أهونُ كثيرا من التعامل مع نص – أو قل نصوص – فيها شكٌ كبير في نسبتِها لقائلها

أعرفُ جيدًا أن الثقافة العربية الإسلامية نفسَها اتخذت من النص الهامشي متنًا ومركزًا وتجاهلت النص الأصلي، لكن هذا لا ينبغي – من وجهة نظري – أن يكون دافعًا لتكريس الجهود مع النص الهامشي!!

هل ترانا سنضطر إلى انتقاء بعض مرويات السنّة التي تتفق مع القرآن ونترك ما سنظن أنه دخيل؟

المهمة تبدو لي صعبة للغاية … لكن لعل في جعبتك تفاصيل تنير الطريق

Gamal Omar

ربما غابت نقطتي: الإشكال ليس في كون القرآن إلهي و المرويات مشكوكة فيها وفي نسبتها. لذلك قلت لو فرضنا. الإشكال في طريقة التعامل فما حدث مع المرويات المنسوبة للنبي هو نفس المنهج الذي تم التعامل به مع القرآن، منهج التفتيت . القرآن لا ينطق كذلك المرويات أو الروايات التاريخية أو المروي من الشعر. طريقة تعاملنا معها هو الذي يجعلها تنطق. بل أزيدك فأقول أن ما تتحدث عنه هو ما فعله المسلمون على مدى قرن تقريبا، التركيز على القرآن لكن لم يكفهم وكان اتجاههم للمرويات سببه عجز القرآن عن الوفاء . كمصدر. النقطة الأخيرة والتي يغفل عنها الجميع أنه لا وجود لقرآن في أي لحظة من اللحظات بلا إنسان. على مستوى وجوده أو على مستوى محتواه ومقصده كرسالة لبشر. والله أعلم

أشرف البولاقي

فهمتك الآن – أو أدّعي ذلك – على الأقل

ستكون الإشكاليات مع السنّة أسهل في بعض جوانبها، خاصة عدم القدرة معها على الزعم بوجود ميتافيزيقي لها قبل النبي … فالسنّة استلزمت وجود قائلها ووجود المخاطَب الذي هو الإنسان، ومن ثم سيكون من السهولة بمكان إخضاعها كخطاب للأدوات المعرفية

Gamal Omar

بل لو دققت في حياتنا المعاصرة ستجد هذا العقل التفتيتي هو العقل السائد في ثقافتنا هو العقل الذي نتعامل به مع مُنتجات الحداثة.في أي ظاهرة نتعامل معها. تعامل الحكومة مع المواصلات.(فتافيت) تعامل باحث مع خطاب نصر (فتافيت) تعامل ناقد مع ديوان أشرف البولاقي (فتافيت) تعامل السلطة مع العشوائيات (فتافيت). أظن ما أقوله أن هذا العقل الذي يستغرق في الوقائع وفي التفاصيل وتغيب عنه الرؤى . عقل التلفيق. عقل الترقيع. هو نفس العقل القديم لكنه تم طلائة بزركشات حداثية حسب تعبيري نصر وعلي مبروك. فهذا العقل هو الإشكال وليس القرآن أو كتب المرويات أو حتى ابن تيمية وابن القيم فكل هؤلاذ لا ينطقون ولكن من ينطقهم هم بشر. ينطقون باسمهم.

أشرف البولاقي

تمام، متفق معك لكن لو أن المشكلة في العقل وحده فكيف تكوّن وتشكّل هذا العقل؟ ولماذا تأخر بينما نما وتقدّم غيره؟

السؤال هنا، هل نمتلك من الجرأة والحرية ما قد يسمح لنا بالزعم – مثلا – أن هناك إشكاليات أو مشكلات في الذي شكّل وكوّن هذا العقل؟ دعنا الآن من الاستبداد وأنظمة الحكم … أقصد المقدّس نفسه …. هل تراه سهلا وبيّنا وواضحا تماما للمتلقي؟ ألا يتحمل المقدس جزءا من تبعات ما نحن فيه وعليه؟ أم المشكلة كلها في العقل الذي تعامَل معه؟

Gamal Omar

هو ايه المقدس؟


إجراءات

Information

أضف تعليق